بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تتحدث سورة الكهف عن أربع قصص أو محاور
للوهلة الاولى سنتصور أن لا رابط بين هذه القصص
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين.
رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني.
جاء فى الحديث من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له نورا بين جمعتين
جاء ذكر النور في عدة أحاديث، أصحها:
أ*- " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة ".
ب*- "من قرأ سورة الكهف كما نزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة"
ت*- "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين
لماذا الكهف ولماذا الجمعتين ؟؟
2- معنى النور الوارد في الأحاديث
«مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ أَضَاءَ لَهُ النُّورُ» )
، أَيْ فِي قَلْبِهِ أَوْ قَبْرِهِ أَوْ يَوْمَ حَشْرِهِ فِي الْجَمْعِ الْأَكْبَرِ (مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ ) ،
أَيْ مِقْدَارُ الْجُمُعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا مِنَ الزَّمَانِ وَهَكَذَا كُلُّ جُمْعَةٍ تَلَا فِيهَا هَذِهِ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ.[4]
وقال النووي رحمه الله:" وقد قال الإمام النووي في شرح حديث أبي مالك السابق :
معناه أنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب
كما أن النور يستضاء به وقيل معناه أنه يكون أجرها نورا لصاحبها يوم القيامة
وقيل لأنها سبب لاشراق أنوار المعارف وانشراح القلب ومكاشفات الحقائق
لفراغ القلب فيها واقباله إلى الله تعالى بظاهره وباطنه
وقد قال الله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة وقيل
معناه أنها تكون نورا ظاهرا على وجهه يوم القيامة ويكون
في الدنيا أيضا على وجهه البهاء بخلاف من لم يصل والله أعلم "[5]
وقال الشوكاني رحمه الله في تحفة الذاكرين
(( معني اضاء الله له من النور مابين الجمعتين اي:
انه لايزال عليه اثرها وثوابها في جميع الاسبوع.....)اهـ."
وقال الشيخ محمد العويد: "والنور هنا بمعنى أن الله تعالى يرزق عبده نوراً
يرى به ما حوله بوضوح فيتعرف على ما ينفعه ويلتزمه ويتعرف على ما يضره فيجتنبه
، وهو من توفيق الله تعالى لعبده ..
فلعل المعنى واحد في معنى النور في حديث قراءة الكهف وحديث أبي مالك
في المحافظة على الصلاة وأدائها كما ينبغي .
ويجتمع المعنى حول منة الله لعبده وإعطائه نوراً يرى به الأشياء على حقيقتها
حتى وإن خفيت على كثير من الناس واشتبهت عليهم .
وخصوصاً في زمن الفتن التي تشتبه فيها كثير من الأمور على غالب الناب الناس ...
وحفظ الله لعبده من الدجال يتم بإعطائه النور الذي يكشف له حقيقة الدجال
فيكفر به ويثبت على إيمانه بالله تعالى .
"فإنّ الله عز وجل يجازيهم بأن يجعل لهم نوراً تاماً في القبر ويوم القيامة
يبصرون به ويمشون به وينضّر به وجوهم يوم تبيض وجوه وتسودّ وجوه
قال عز وجل : "يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم"
, قال عز وجل : "وجوه يومئذ مُسفرة" يعني : مشرقة مضيئة."[6]
وقال بعضهم: إن معناه غفران الذنوب التي تكون بين الجمعتين. والله أعلم.
ثانيا: النور المكاني، وهو ما بين مقام القارئ إلى البين العتيق (أي مكة المكرمة).
(مررت في بحثي على هذه المواضع في شروحات الحديث وهذا ما فهمته منها:
1- أن مقدار النور الذي سيجعله الله تعالى بين يديه يوم القيامة
بمقدار ما بينه وبين البيت العتيق.
2- هذا الطول في النور الذي يضيء في الدنيا بينه وبين البيت العتيق
سيُرى في وجهه من ذات المسافة يوم القيامة،
وربما يشهد له قول الله تعالى
:{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِ مْ} [الحديد: 12]،
فيرى المؤمن بهذا النور حين تشتد ظلمات يوم القيامة.
أسأل الله أن يبلغنا هذا النور يوم نلقاه.
قلت[وأنا لست من أهل قلت]: ربما يكون النور هنا والله أعلم:
هو أن الله يجعل بينه وبين الكعبة نورا، أي: يجعلها كالمنارة والدليل له،
فيتعلق قلبه بقبلة أهل الإسلام، حيث يلقي الله عز وجل في قلبه التعلق بالمساجد،
والتعلق بالتوجه للقبلة دائما،
وكأن الله عز وجل لا يضيء له إلا النور الي بينه وبين كل موضع يشابه الكعبة
من مواضع الصلاة التي على الأرض.
ý علاقة الكهف بالدجال:
1- جاء في الأحاديث، أنه من قرأ أول ثلاث آيات من الكهف، عُصِم من الدجال،
وفي حديث آخر: من قرأ العشر الأواخر
والتوفيق بينهم كما ذهب أهل العلم:
أن الآيات الثلاث الأولى: تمثل الحد الأدنى من العصمة من هذه الفتنة،
فكلما زيد في القراءة والحفظ، زيد في وقايته وحفظه من الدجال.
قال الملا علي القارى رحمه الله:"
فَالْأَظْهَرُ أَنَّ أَقَلَّ مَا يُحْفَظُ بِهِ مِنْ شَرِّهِ قِرَاءَةُ الثَّلَاثِ، وَحِفْظُهَا أَوْلَى،
وَهُوَ لَا يُنَافِي الزِّيَادَةَ، كَمَا لَا يَخْفَى.
وَقِيلَ: حَدِيثُ الْعَشْرِ فِي الْحِفْظِ، وَحَدِيثُ الثَّلَاثِ فِي الْقِرَاءَةِ،
فَمَنْ حَفِظَ الْعَشْرَ وَقَرَأَ الثَّلَاثَ كُفِيَ وَعُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ،
وَقِيلَ: مَنْ حَفِظَ الْعَشْرَ عُصِمَ مِنْ أَنْ لَقِيَهُ،
وَمَنْ قَرَأَ الثَّلَاثَ عُصِمَ مِنْ فِتْنَتِهِ إِنْ لَمْ يَلْقَهُ،
وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْحِفْظِ الْقِرَاءَةُ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ،
وَمِنَ الْعِصْمَةِ الْحِفْظُ مِنْ آفَاتِ الدَّجَّالِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْأَحْوَالِ
2- إن سورة الكهف جمعت فتنا أربع:
أ*- فتنة الدين: كما في قصة أصحاب الكهف.
ب*- فتنة المال: كما في قصة صاحب الجنتين.
ت*- فتنة العلم: كما في قصة موسى والخضر عليهما السلام.
ث*- فتنة السلطة: كما في قصة ذي القرنين.
وكل هذه الفتن اجتمعن في الدجال،
فهو يفتن الناس في دينهم،
وعنده من المال والخزائن والكنوز والذهب ما الله به عليم،
وعنده من العلم ما لم يؤت كثيرٌ من أهل زمانه،
ثم إنه صاحب ملك وجاه وقوة وجيش جرار.
3- كأن سورة الكهف، تدلنا على طرقٍ أربعة في التعامل مع الدجال:[/U]
أ*- فالقصة الأولى، يتمحور فيها معنى الاستضعاف،
فمن تأكد من ضعفه أمام فتنة الدجال، فليعتزل،
كما صنع الفتية حين فروا بدينهم إلى الكهف،
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"
من سمع بالدجال فلينأَ عنه" أي: فليعتزل وليبتعد عنه.
ب*- والقصة الثانية والثالثه
(أي قصة صاحب الجنتين وقصة موسى والخضر عليهما السلام)،
يتمحور فيهما معنى الحوار والمناظرة والعلم
، فمن آنس من نفسه قدرة على حوار الدجال بعلم فليفعل،
وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن رجلا سيقتله الدجال
ويفتنه بأنه سيحيي له أبواه،
ثم يجادل هذا المؤمن المسيحَ الدّجال،
ويبين دجله، ويثبت على دينه.
ت*- والقصة الرابعة، يتمحور فيها معنى السلطة والقوة،
وهذا ما سيحظى به عيسى عليه السلام وأنصاره من صحابته المؤمنين
، حيث سيسحقون الدجال وأتباعه من اليهود بقوتهم وعدلهم،
وبتأييد من الله بتوفيقه ونصره لهم
صححه الألباني: خرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " (81 و 952) والطبراني في " الأوسط.
[2] ) صححه الألباني: رواه النسائي في اليوم والليلة والطبراني في الأوسط والحاكم.
صححه الألباني: رواه النسائي والبيهقي مرفوعا والحاكم مرفوعا وموقوفا أيضا.
) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 4/ 1489.
شرح صحيح مسلم.
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 8/ 3458.